بريطانيا ترفع العقوبات عن مصرف سوريا المركزي و23 كياناً.. خطوة نحو تعافي الاقتصاد وسط تحركات دولية متدرجة

في خطوة تُعد الأحدث ضمن مسار تخفيف العقوبات الدولية على سوريا، أعلنت بريطانيا رسمياً اليوم الخميس رفع العقوبات عن مصرف سوريا المركزي و23 كياناً سورياً، بينها شركات طيران وطاقة وبنوك، في إشارة إلى اعتراف جزئي بالإدارة الجديدة التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
القرار جاء عبر إشعار حكومي بريطاني يؤكد إنهاء تجميد أصول هذه الكيانات والسماح بإجراء التعاملات التجارية معها.
ووفق متابعة بقش، شمل القرار البريطاني كيانات بارزة مثل شركة “السورية للطيران”، ومصفاتي النفط في مدينتي حمص و بانياس، إضافة إلى عدد من شركات الطاقة والبنوك.
هذه الخطوة تأتي في سياق تراجع تدريجي للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا منذ أكثر من عشر سنوات، والتي اشتدت خلال سنوات الصراع الدامي.
ورغم ذلك، يُلاحظ أن طبيعة التخفيف “التدريجية” تعكس حذراً دولياً مستمراً، حتى بعد سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع -زعيم جماعة “هيئة تحرير الشام” المتشددة- قيادة البلاد.
سياق دولي: تحركات أمريكية وأوروبية سابقة
سبقت الخطوة البريطانية تحركات مماثلة من جانب الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي. ففي يناير الماضي، أصدرت واشنطن تصريحاً مؤقتاً يسمح بإجراء معاملات مع المؤسسات الحكومية السورية وبيع الطاقة إليها، بينما علق الاتحاد الأوروبي جزئياً في فبراير العقوبات على قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنوك. ومع ذلك، لم ترفع أي من هذه الأطراف العقوبات بالكامل، ما يُبقي القيود المفروضة على عدد من الكيانات والأفراد.
يعاني الاقتصاد السوري من تداعيات كارثية بعد 14 عاماً من الحرب العسكرية والاقتصادية والعقوبات الدولية المشددة، حيث تعيش الغالبية العظمى من السكان تحت خط الفقر، وفقًا لتقارير أممية. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن 90% من السوريين يعيشون في فقر، مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
كما أعاد البنك الدولي تصنيف سوريا إلى فئة الدول ذات الدخل المنخفض عام 2018، بعد انهيار الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% بين عامي 2010 و2020.
وفي تقرير صادر في فبراير الماضي، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن العقوبات الدولية “عزلت سوريا عن النظام المالي العالمي، ورفعت تكاليف الاستيراد، وحدت من الصادرات والتحويلات المالية”، مشيراً إلى أن تخفيف هذه الإجراءات “سيُشكل عاملاً حاسماً لتعافي الاقتصاد وتعزيز السلام على المدى الطويل”.
ناقلة نفط روسية تصل إلى السواحل السورية
في سياق متصل، وصلت ناقلة نفط خاضعة للعقوبات الأمريكية إلى الساحل السوري يوم الخميس محملة بشحنة ديزل من روسيا، وفقاً لتقارير الموانئ وبيانات تتبع السفن التي اطلع عليها بقش لدى بلومبيرغ.
وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي الحكومة السورية الجديدة لتعويض النقص الحاد في واردات النفط من إيران، التي كانت الداعم الرئيسي لنظام الأسد قبل انهياره.
وتُعتبر الخطوة البريطانية جزءاً من مساعٍ دولية لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد العالمي، لكن الخبراء يشيرون إلى أن التعافي الكلي سيحتاج إلى رفع شامل للعقوبات، وإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، واستقرار سياسي. وفي الوقت الراهن، تبقى الآمال معلقة على خطوات أخرى قد تتبع، خاصة مع استمرار المعاناة الإنسانية التي تحتاج إلى تدخلات عاجلة.