الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

بسبب “خزائن بيتكوين”.. قصة ضياع 17 مليار دولار

الاقتصاد العالمي | بقش

دفع مستثمرون ثمناً باهظاً بلغ نحو 17 مليار دولار فُقدت بسبب الاستثمار في شركات خزائن بيتكوين التي كانت تُمثّل مساراً بديلاً للحصول على تعرّض لعملة البيتكوين من دون شرائها مباشرة، وفق اطلاع “بقش” على تقرير حديث لـ”بلومبيرغ”.

التقرير استند إلى دراسة لصالح شركة أبحاث سنغافورية هي “10X Research”، ويؤكد التقرير أن الشركات التي تملك بيتكوين في خزائنها قامت بإصدار أسهم للمستثمرين، بأسعار أعلى كثيراً من القيمة الحقيقية لبيتكوين التي تملكها تلك الشركات، ما أدى إلى نشوء “فقاعة” ثم انهيار فيها أدى إلى خسارة المستثمرين.

ما هي شركات خزائن البيتكوين؟

هي شركات مدرجة في البورصة أو عامة، تقوم بشراء كميات كبيرة من بيتكوين لتكون ضمن أصولها (خزينتها)، ثم تصدر أسهماً أو أوراقاً مالية تمنح المستثمرين “تعرضاً لبيتكوين” من خلال هذه الشركة، بدلاً من شراء البيتكوين مباشرة.

واتبعت هذه الشركات نموذج عمل يتمثل في إصدار أسهم أو حقوق على سعر يُحتسب غالباً من القيمة الدفترية أو القيمة الصافية لأصول البيتكوين التي تملكها الشركة، وفق اطلاع بقش، ثم بيع الأسهم بعلاوة مقابل القيمة الحقيقية لأصول البيتكوين المُحتفظ بها.

ثم بعدها يتم استخدام حصيلة إصدار الأسهم لشراء المزيد من بيتكوين، ما يُشجّع على النمو السريع، وفي الذروة كانت بعض هذه الشركات تُسوَّق على أنها “طريقة سهلة” أو “ضمان” للحصول على مكاسب بيتكوين من دون شراء العملة الرقمية مباشرة.

وأشار تقرير بلومبيرغ إلى شركة “ميتابلانيت” اليابانية التي ارتفعت قيمتها السوقية من مليار دولار إلى نحو 8 مليارات ثم تهاوت إلى نحو 3.1 مليارات دولار، وأيضاً شركة MicroStrategy التي تنشط في هذا المجال.

وما أثار الانتباه هو أن الأسهم كانت تُتداوَل بالنسبة إلى بيتكوين المملوكة للشركة (مثلاً نسبة سعر السهم إلى قيمة البيتكوين في الخزينة) بـ3-4 أضعاف في بعض الحالات خلال الذروة.

وانخفضت هذه النسبة الآن إلى نحو 1.4 مرة أو أقل. والنمو السريع والمطّرد لشراء البيتكوين من خلال إصدار الأسهم خلق حالة تشبه الفقاعة التضخّمية، وعندما تغيّرت ظروف السوق انكشفت هشاشة النموذج.

أسباب الخسارة

تشير قراءة بقش للتقرير إلى عدد من الأسباب وراء هذه الخسارة، مثل تضخيم الشركات قيمة أسهمها على أساس أن لديها بيتكوين أو أنها “على وشك” تحقيق مكاسب ضخمة.

اشترى المستثمرون أسهماً بدافع الخوف من فقدان الفرصة، معتقدين أن النمو سيستمر، ولاحقاً تبيّن أن القيمة الحقيقية للأصول (البيتكوين في الخزينة) لا تواكب ذلك التقييم.

يُضاف إلى ذلك، التعرض غير المباشر للعملة الرقمية، فبدلاً من أن يشتري المستثمرون بيتكوين مباشرة، قاموا بالسير في طريق وسيط، وهو شراء أسهم شركة تحتفظ ببيتكوين.

كما شهد سوق العملات الرقمية مؤخراً -وخصوصاً بيتكوين- تراجعات كبيرة، مما أضعف الثقة بالمشروع ككل. وإلى جانب ذلك، لم يدرك المستثمرون أن العلاوة التي دفعوها على السهم كبيرة مقارنة بالقيمة الحقيقية للأصول، ما يعني أن التقييمات كانت أقل شفافية، وربما لم تُبرز المخاطر بصورة واضحة.

والنموذج الذي يعتمد على إصدار أسهم بسعر أعلى وشراء بيتكوين يبدو مستداماً طالما سعر البيتكوين يرتفع أو يُنظر إليه بإيجابية، لكن عندما تتغيّر النظرة ينقلب النموذج إلى خطر، إذ تُباع الأسهم بسعر السوق وليس بسعر مضخَّم، ما يضغط على القيمة ويُلحِق الخسائر بالمستثمرين.

تداعيات على قطاع العملات الرقمية

خسارة 17 مليار دولار قد تؤدي إلى تشدد في الرقابة والتنظيم تجاه الأدوات التي تدّعي أنها “تعرض بيتكوين” دون شرائه مباشرة.

وقد يتراجع بعض المستثمرين الأفراد أو يعيدون حساباتهم قبل القفز في أدوات معقدة. وقد يدفع هذا إلى نضوج أكبر في السوق، حيث تُقيَّم الشركات بطريقة أكثر واقعية، والشفافية تصبح معياراً أكبر.

وسيتطلب في قطاع العملات الرقمية تعزيز معايير الإفصاح في الشركات التي تملك أصولاً رقمية، ومراقبة علاوات إصدار الأسهم مقارنة بالأصول، وتوجيه المستثمرين نحو فهم المخاطر المرتبطة بالأدوات المالية التي تتعلق بالعملات الرقمية.

ويُعتبر ضياع 17 مليار دولار في فقاعة شركات خزائن بيتكوين تحذيراً صارخاً للمستثمرين من مخاطر التورط في أدوات مالية مبنية على توقعات مفرطة وعلاوات مضخمة على القيمة الحقيقية للأصول، وتُظهر التجربة أن الارتباط بالبيتكوين لا يعني بالضرورة أماناً أو أرباحاً مضمونة، بل يعتمد بشكل حاسم على شفافية الشركة وواقعية التقييم ونضج المستثمر في فهم المخاطر.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش