الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

ذهب الصين الجديد: ابتكار يغير قواعد لعبة الذهب العالمية

الاقتصاد العالمي | بقش

مع الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب عالمياً، وصل سعر الأونصة الواحدة إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 4,000 دولار، وفي هذه الأثناء تتجه الأنظار إلى الصين التي أطلقت ابتكاراً قد يغير قواعد السوق التقليدية، وهو “الذهب الصافي الصلب”، المعروف محلياً باسم “يينغ زو جين” (Ying Zu Jin).

حسب اطلاع مرصد “بقش”، جَمَع هذا الابتكار بين نقاء الذهب عيار 24 قيراطاً وصلابة الذهب عيار 18 قيراطاً، ويمثل ذلك طفرة تكنولوجية غير مسبوقة في صناعة الذهب، ما جعله يثير جدلاً واسعاً في الأوساط العالمية حول قيمته الاستثمارية، وتأثيره على الأسواق العالمية، ومستقبله كبديل للذهب التقليدي.

الذهب الصافي الصلب

تشير قراءات “بقش” إلى أن علماء الصين تمكّنوا بدعم حكومي وباعتماد سنوات من البحث والتطوير، من ابتكار ذهب يتميز بنسبة نقاء تصل إلى 99.9%، مع صلابة فائقة تصل إلى 60 درجة على مقياس فيكرز، أي ما يعادل أربعة أضعاف صلابة الذهب التقليدي.

وتَحقق ذلك عبر إضافة نسب ضئيلة للغاية (0.1%-1%) من المعادن النادرة مثل الإنديوم والزنك، ما أدى إلى تحسين القوة الميكانيكية للذهب مع الحفاظ على لمعانه، ثبات لونه، ومقاومته للخدوش.

ويتيح هذا الابتكار إنتاج قطع أخف وزناً وأكثر متانة، مع تصاميم أكثر جمالاً وتعقيداً، إذ يمكن أن يكون وزن قطعة الذهب الصيني الجديدة نصف وزن القطعة التقليدية مقابل نفس القوة والمتانة.

وهذا يجعله جذاباً للمستهلكين الذين يبحثون عن المجوهرات الفاخرة عالية الجودة بأسعار أقل بنسبة تتراوح بين 10% و20% مقارنة بالذهب التقليدي.

وظهر “الذهب الصافي الصلب” لأول مرة في المعارض الصينية الكبرى، وسرعان ما أصبح يشكل نحو 20-25% من مبيعات المجوهرات الذهبية في الصين خلال العام الحالي.

كما عُرضت مجموعات كاملة من هذا الذهب في معرض هونغ كونغ للمجوهرات والأحجار الكريمة، في خطوة تشير إلى طموح الصين لتصديره إلى الأسواق العالمية، خصوصاً جنوب شرق آسيا، الهند، الشرق الأوسط، وحتى أوروبا.

وتؤكد التقارير التي طالعها بقش أن الذهب الصيني الجديد يجمع بين الطموح الاقتصادي والتقني، إذ يعكس استراتيجية الصين لإعادة تعريف الذهب محلياً وعالمياً، ويتيح لها تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، من خلال تعزيز الطلب المحلي على الذهب، وتحفيز نمو الطبقة المتوسطة، وضمان اكتفاء ذاتي في صناعة المعادن الثمينة.

وإلى جانب هذا الابتكار الصيني، يطرأ تحدٍّ آخر يتمثل في “الذهب المقلد”، إذ يبقى الذهب المقلد ظاهرة شائعة في الأسواق، خصوصاً في الشرق الأوسط، حيث يشار إليه باسم “الذهب الصيني الرخيص”.

وهذه القطع ليست ذهباً حقيقياً، بل معادن رخيصة مطلية بطبقة ذهبية، ما يشكل تحدياً للمجوهرات التقليدية من حيث تشويه السمعة وتقليل الطلب على الذهب الحقيقي.

وقد لا يؤثر الذهب المقلد بشكل مباشر على الأسعار العالمية، لكنه يفتح المجال أمام ممارسات تجارية غير أخلاقية، ويؤثر في قيمة الذهب على المدى الطويل، خصوصاً عندما يُباع كبديل أرخص للعرائس أو للمستهلكين العاديين.

جدال بين الخبراء والمستهلكين

تتباين آراء الخبراء والمستهلكين حول الذهب الصيني الجديد، فمن ناحية يرى بعض النشطاء أن هذا الابتكار خدعة تسويقية، أو أنه مجرد مطلي بالذهب، بينما يرى آخرون أنه ابتكار تكنولوجي حقيقي يعزز متانة الذهب التقليدي، وقد يخفض سعر الذهب الأصلي على غرار ما حدث مع الألماس الصناعي (وهو ألماس يتم إنتاجه في المختبرات عبر عمليات تكنولوجية متقدمة وله نفس الخصائص الكيميائية والفيزيائية والبصرية للألماس الطبيعي لكنه وفق اطلاع بقش يختلف في طريقة تكوينه ومصدره).

كما أشاد خبراء المجوهرات بالابتكار باعتباره فرصة اقتصادية، خاصةً في ظل ارتفاع الأسعار العالمية، واعتبروه بديلاً جذاباً للمستهلكين الباحثين عن الجودة مقابل السعر.

كيف يؤثر على الأسواق العالمية؟

قد يضع الذهب الصيني الجديد ضغطاً على الذهب التقليدي، لكنه لا يغير الصعود التاريخي للأسعار عالمياً بشكل فوري، لأن السوق العالمي تتحكم فيه عوامل أكبر مثل التضخم والتوترات الدولية وسياسات البنوك المركزية.

ويقدم الذهب الصافي الصلب بديلاً استثمارياً جذاباً، خصوصاً للمستثمرين الباحثين عن قطع متينة وذات قيمة طويلة الأجل، ما قد يزيد من تنويع محفظات الاستثمار في المعادن الثمينة.

ويمثل الذهب أداة استراتيجية للصين لتعزيز نفوذها المالي وتقليل الاعتماد على الدولار، خصوصاً في ظل تراكم الاحتياطيات من الذهب لدى البنك المركزي الصيني، ما قد يؤثر على الطلب العالمي ويزيد من قيمة المعدن.

ومن المتوقع أن يحقق الذهب الصيني الجديد انتشاراً واسعاً في أسواق جنوب شرق آسيا والهند والشرق الأوسط وأوروبا، مستفيداً من أسعار منافسة وتصاميم جذابة، وهو ما قد يعزز مكانة الصين كمنتج عالمي للذهب وليس فقط مستهلكاً له.

عقبات أمام الذهب الصيني

ورغم الفرص الكبيرة، يواجه الذهب الصيني الجديد تحديات عدة رَصَدها “بقش”، مثل صعوبة إعادة صهر الذهب الصافي الصلب حالياً، ما قد يحد من استخدامه في بعض الصناعات، وكذلك التحدي التسويقي في إثبات قيمته الاستثمارية أمام الذهب التقليدي، خصوصاً في الأسواق الغربية.

كما يواجه الذهب الصيني الجديد منافسةً مع الذهب المقلد، الذي قد يخلق تشويهاً لسمعة الذهب الصيني، إضافةً إلى الاعتماد الكبير على استراتيجيات الحكومة الصينية في دعم الابتكار والتصدير.

ويمكن القول إن الذهب الصيني الجديد يمثل ثورة حقيقية في صناعة المعادن الثمينة، حيث يجمع بين النقاء الفائق والصلابة العالية مع الحفاظ على المظهر الجمالي، وهو ما يفتح آفاقاً اقتصادية وتجارية واسعة للصين والمستثمرين على حد سواء، ومع استمرار تطور هذا الابتكار يُتوقع أن يشهد العالم تحولاً تدريجياً في تفضيلات المستهلكين والمستثمرين، وهو ما سيعيد رسم ملامح سوق الذهب خلال العقد القادم، ويضع الصين في موقع ريادي متقدم في هذه الصناعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش