
تقارير | بقش
تحول البحث اليائس عن الطعام في غزة إلى كارثة بسبب قتل سكان القطاع على أيدي العناصر الإسرائيلية المسؤولة عن الآلية الأمريكية الإسرائيلية تحت مسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، حيث يتم إطلاق النار بشكل مباشر على المدنيين العُزَّل الذين جاؤوا إلى مراكز التوزيع فقط للحصول على الطعام، لتكون الأسابيع التي تلت إطلاق خطة التوزيع هذه الأكثر دموية وعنفاً منذ أكتوبر 2023.
ووصل عدد الذين تم قتلهم في مراكز توزيع الطعام حتى الآن، إلى أكثر من 600 شخص. وكشف تقرير اطلع عليه بقش لوكالة أسوشيتد برس، عن استخدام متعاقدين أمنيين أمريكيين للذخيرة الحية وقنابل الصوت ضد فلسطينيين كانوا يتدافعون للحصول على مساعدات غذائية في موقع تابع لمؤسسة غزة الإنسانية شمال القطاع.
وأمس الجمعة وردت معلومات عن قتل 25 شخصاً وسط غزة أثناء انتظارهم شاحنات المساعدات عندما اندلعت فوضى، كما تم قتل 15 شخصاً في خان يونس أثناء انتظارهم الطعام وفقاً لشبكة سي إن إن.
وأطلق المتعاقدون الأمنيون الأمريكيون النار في الهواء وعلى الأرض، وألقوا قنابل صوتية، كما استخدموا رذاذ الفلفل لتفريق الحشود، ويبدو أنهم يتمتعون بصلاحيات مفرطة لفعل ما يشاؤون.
كما أن هناك مشاهد توثق أن الأمنيين أطلقوا النار باتجاه فلسطينيين كانوا يغادرون بعدما حصلوا على طعامهم للتو.
وزعمت شركة (Safe Reach Solutions)، المتعاقدة مع المؤسسة لتأمين الموقع، عدم وقوع “أي حوادث خطيرة”، وقالت إن إطلاق الذخيرة تم “بعيداً عن المدنيين” في الأيام الأولى، بهدف السيطرة على الحشود وضمان سلامة الجميع.
يأتي ذلك بينما تستمر إسرائيل في فرض حصارها على قطاع غزة، حيث تمنع منذ أكثر من ثلاثة أشهر دخول الغذاء والدواء والمياه، في محاولة لإقصاء وكالات الأمم المتحدة واستبدالها بجهات أخرى، رغم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
وكانت أكثر من 130 منظمة غير حكومية طالبت باتخاذ إجراءات فورية لإنهاء عمليات ما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية، بعد الإبلاغ عن قتل مئات الأشخاص أثناء اقترابهم من مواقع توزيع المساعدات في الأسابيع الأخيرة، ودعت المنظمات، بما فيها منظمة العفو الدولية ومنظمة أوكسفام والمجلس النرويجي للاجئين، إلى إعادة آليات المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة.
فهناك 400 نقطة توزيع أممية كانت تعمل في غزة خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت، تم استبدالها بأربعة مواقع توزيع يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، مما أجبر مليوني شخص على النزوح إلى مناطق عسكرية مكتظة حيث يواجهون إطلاق النار يومياً وخسائر بشرية جماعية أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء ويُحرمون من الإمدادات الأخرى المنقذة للحياة.
مقتل أكثر من 600 مدني على يد أمريكيين في غزة
مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سجلت حتى يوم أمس الجمعة قَتل ما لا يقل عن 613 شخصاً حول نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، وبالقرب من قوافل الإغاثة. وهناك 509 أشخاص من بين الإجمالي البالغ 613، تم قتلهم بالقرب من نقاط مؤسسة غزة نفسها.
هذه الآلية تصفها الأمم المتحدة بأنها “غير آمنة بطبيعتها” وتمثل انتهاكاً لقواعد الحياد الإنساني. وقد استندت مفوضية حقوق الإنسان في أرقامها إلى مجموعة من المصادر، مثل المعلومات الواردة من المستشفيات والمقابر والعائلات والسلطات الصحية الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية وشركاء لها على الأرض.
كما تعرّض سائقو شاحنات المساعدات لبعض حالات النهب والهجمات العنيفة، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. يؤكد المكتب أن إسرائيل -بصفتها القوة المحتلة- تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام والسلامة في غزة بما يشمل السماح بإدخال المزيد من الإمدادات الأساسية عبر معابر وطرق متعددة لتلبية الاحتياجات الإنسانية.
الأغذية العالمي: خطر المجاعة يتفاقم
اليوم السبت قال برنامج الأغذية العالمي في بيان اطلع عليه بقش، إن شخصاً واحداً من كل 3 أشخاص في غزة لا يحصل على طعام أياماً، الأمر الذي يضع مزيداً من الناس في خطر المجاعة، وأضاف أن أكثر من 700 ألف شخص أُجبروا على النزوح منذ مارس الماضي، بينما أظهرت تقارير أن نحو 85% من قطاع غزة منطقة قتال نشط.
أكد البرنامج على استمراره في تقديم المساعدات داخل غزة، رغم تدهور الوضع الأمني وصعوبة الدخول والعدد المتنامي من المحتاجين لمعونات غذائية، مشيراً إلى أن لديه 140 ألف طن متري من الغذاء في المنطقة، وهو ما يكفي لإطعام جميع سكان غزة، ويريد إدخال ألفَي طن متري من المساعدات الغذائية يومياً إلى القطاع، بالاتفاق مع إسرائيل.
وتؤكد المنظمات أن الفلسطينيين في غزة يواجهون خياراً مستحيلاً: إما الموت جوعاً، أو المخاطرة بالتعرض لإطلاق النار وهم يحاولون يائسين الوصول إلى الغذاء لإطعام عائلاتهم.
وخلال أقل من 4 أسابيع فقط، قُتل أكثر من 500 فلسطيني وأُصيب نحو 4000 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء أو توزيعه. وبعد 100 يوم من فرض الحصار المطبق على المساعدات، تنهار الأوضاع الإنسانية في غزة بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، بينما يواصل الجيش الإسرائيلي نفي قيامه بإعطاء أوامر بإطلاق النار على الفلسطينيين العُزَّل الذين ينتظرون المساعدات.