تخطى الجنيه المصري حاجز الـ60 جنيهاً للدولار مرشحاً للاقتراب من مستوى 70 جنيهاً، وسط زيادة المضاربات وشحة العملة الصعبة وعدم توافر الكميات اللازمة لتنفيذ تعاقدات المستوردين في كثير من القطاعات. الجنيه المصري يواجه المزيد من التحديات في 2024، إذ لا تزال الرؤية "ضبابية" حول توجهات التعويم، فيما تقترب السلطات من اتفاق مع صندوق #النقد_الدولي قد يُخضع سعر العملة لمزيد من المحددات. وكانت مديرة صندوق النقد صرّحت مؤخراً، أن أولوية الحكومة المصرية يجب أن تكون خفض التضخم بدلاً من معالجة القضايا المتعلقة بالعملة. كما تراجعت تحويلات المصريين في الخارج إلى البنوك المصرية الخاصة بنسب عالية خلال الربع الماضي، مع اتجاهها إلى خارج السوق المصرفية الرسمية، وتُعتبر تحويلات المصريين العاملين بالخارج وعائدات قناة #السويس والدخل السياحي هي أهم مصادر النقد الأجنبي بالنسبة للحكومة المصرية. عائدات قناة السويس بدورها انخفضت في النصف الأول من يناير الجاري بنحو 40% على أساس سنوي بسبب اضطرابات #البحر_الأحمر، وهو ما يدفع إلى مخاوف من تلقّي الاقتصاد المصري "ضربة موجعة" وفق وكالة رويترز. ارتباك حاد أدى الارتباك في أسعار صرف الجنيه وعدم القدرة على إعادة التوازن للاقتصادي إلى تثبيط الثقة بالوضع الائتماني للبلاد، والذي أسفر عن تخفيض التصنيفات للاقتصاد المصري، وكان آخرها الخميس الماضي، بتغيّر النظرة المستقبلية إلى "سلبية" في تقييم وكالة "موديز". وتوقعت موديز للتصنيف الائتماني أن تُحجم شركات الملاحة عن المرور بالبحر الأحمر ما سيؤثر على حركة الملاحة بقناة السويس. ويقول الباحث في الشؤون الإقليمية بمركز الأهرام للدراسات، سامح راشد، في تصريحات صحافية إن الأزمة الاقتصادية في مصر لها ما يبررها في الواقع، حيث يستمر تفاقم المشكلات الاقتصادية دون أفق واضح لحلها أو حتى للحد منها. وهناك ارتباك وتردد في إدارة اقتصاد إلى حد اتخاذ قرارات ثم التراجع عنها سريعاً بعد ثبوت عدم جدواها، وقد جاءت بعض القرارات المصرفية لتزيد المخاوف والشكوك في المستقبل القريب، ومنها تقييد استخدام بطاقات الائتمان بالعملة الأجنبية. ولا تزال مصادر العائدات الأخرى، مثل تحويلات العاملين في الخارج التي تذهب في الأساس إلى أفراد، تساهم في تحسين وضع مصر من النقد الأجنبي، وإن لم يكن للحكومة مباشرة. هذه التحويلات هوت بمقدار 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو وفقاً لمتابعات "بقش"، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو إلى سبتمبر، حسب أرقام البنك المركزي المصري. ويعزف المصريون في الخارج عن إرسال مدخراتهم المالية إلى بلادهم عندما يكون سعر العملة منخفضاً بفارق كبير عن قيمتها في السوق السوداء، مع استشراء التضخم. في إطار الأزمة أعلن صندوق النقد الدولي أن بعثة الصندوق موجودة في #القاهرة حالياً لمناقشة قرض من الصندوق قيمته ثلاثة مليارات دولار وبرنامج إصلاحات، وأن المناقشات جارية بخصوص تمويل إضافي لتخفيف الضغوط المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على #غزة عن مصر. وحسب بلومبيرغ فإن هذا القرض يمكن أن يصاحبه تعديل في سعر الصرف، وسط ضغوط إضافية على ميزان المدفوعات وسط الحرب الإسرائيلية على القطاع. هل تتكرر أزمة لبنان؟ يتخوف اقتصاديون مصريون من أن السيناريوهات الاقتصادية في مصر تقرب الاقتصاد من هاوية تكرر سيناريو الأزمة الاقتصادية في لبنان المستمرة منذ عام 2019. وفي تصريحات لوسائل الإعلام يخشى الخبير الاقتصادي المصري وائل النحاس أن تصبح أزمة لبنان واقعاً في مصر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تضمن الحيلولة دون ذلك تترافق مع إرادة حقيقية من الجهات المسؤولة بمعالجة الخلل. لكن آخرين يرون أن المخاوف من تكرار أزمة لبنان في مصر ليست مبررة، إذ إن العوامل مختلفة تماماً بين البلدين، فمصر لديها رئيس للبلاد ورئيس وزراء ومسؤولين بينما الوضع في لبنان معقد، فهناك العديد من الطوائف التي لها تمثيل وحصص معينة من المسؤولين، فضلاً عن اعتماد الاقتصاد على الدعم الخارجي فقط. هذا وتحتاج مصر إلى العملة الأجنبية ليس فقط لاستيراد السلع الأساسية، ولكن أيضا لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكَمَ معظمُها في السنوات العشر الماضية.