تتعمق أزمات إسرائيل الاقتصادية بالشكل الذي يهدد الأسواق التي أصبحت في ركود اكتسح كافة القطاعات، على خلفية الحرب والتصعيد الأوسع المحتمل على الجبهة اللبنانية. ويحذر اقتصاديون إسرائيليون حكومة نتنياهو من أن الحكومة لن تتمكن على الإطلاق من تمويل الإنفاق على الحرب، وسط ارتفاع تكاليف اقتراض إسرائيلي بأعلى مستوى لها منذ 13 سنة، وفقاً لتقرير اطلع عليه بقش لصحيفة تايمز أوف إسرائيل. كبير الاقتصاديين بشركة الاستشارات المحاسبية والاقتصادية، تشن هيرزوغ، قال إن كل المؤشرات تُظهر أن إسرائيل تتجه نحو ركود عميق، بل إن الواقع يؤكد أن إسرائيل في حالة ركود بالفعل. ويأتي ذلك بعد أن ارتفعت الديون الإسرائيلية بنسبة 8.7% بنهاية العام الماضي إلى 1.3 تريليون دولار. إجمالي تلك الديون بلغ قرابة 154.7 مليار دولار، وتفيد بلومبيرغ بأن ديون إسرائيل ارتفعت بعد 7 أشهر من الحرب بنحو 16 مليار دولار، كما قدّر البنك المركزي الإسرائيلي، في التاسع من مايو الماضي أنَّ تكلفة الحرب خلال عامي 2024 و2025 تقدّر بنحو 255 مليار شيكل، دون حساب احتمالات اندلاع حرب مع #لبنان. وتذكر صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الشركات الإسرائيلية تعمل بإنتاجية منخفضة، بسبب أن موظفيها في الخدمة الاحتياطية، وبعضها مغلق، فيما يتقاضى الموظفون رواتبهم من وزارة الدفاع. وتورد الصحيفة أن هذا هو السر وراء حصول الناس على المال لإنفاقه، ووراء تعافي الإنفاق العام في الربع الأول من العام الجاري، ويعتمد الاقتصاد الإسرائيلي في نمو الإنفاق على الشراء الحكومي الضخم للأسلحة والمعدات العسكرية من الشركات الإسرائيلية، ومبيعات شركات التقنية. الصادرات والاستثمارات وإنتاج الشركات تتقلص بشكل كبير في إسرائيل، ويحذر الاقتصاديون من أن السوق ليست لديها وسيلة لتمويل النفقات الحكومية المتراكمة، وكل المؤشرات تُظهر أن إسرائيل تتجه نحو ركود أعمق. قيمة الشيكل في تدهور على صعيد سوق الصرف الأجنبي، تراجعت قيمة الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار منذ أبريل يوم الثلاثاء الفائت، كما تراجع كذلك مقابل اليورو بنسبة 0.03% إلى مستوى 4.036 شياكل. وكان بنك إسرائيل قد حدد يوم الثلاثاء سعر الشيكل مقابل الدولار التمثيلي بنسبة 0.16% عن يوم الجمعة، عند 3.753 شيكل/دولار، كما تم تحديد سعر الشيكل مقابل اليورو التمثيلي أعلى بنسبة 0.358% عند 4.035 شيكل/يورو. وبلغ سعر الشيكل مساء أمس الأربعاء في تل أبيب 3.7650 شيكل للدولار. حول ذلك يقول كبير الاستراتيجيين في بنك هبوعليم الإسرائيلي، مودي شفرير، لصحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية، إنَّ الشيكل ضعف مقابل الدولار في يونيو الماضي لأسباب عالمية ومحلية، حيث ارتفعت علاوة المخاطر للاقتصاد المحلي"، كما يتجلى ذلك في ضعف العملة، وضعف أداء البورصة المحلية، وزيادة العائدات في سوق السندات الحكومية المحلية، والزيادة في علاوة مقايضات العجز الائتماني الإسرائيلي، وزيادة الفارق بين سندات إسرائيل بالدولار لمدة عشر سنوات وسندات الخزانة الأمريكية. وبدوره يرى رونين مناحيم، كبير الاقتصاديين في الأسواق في بنك مزراحي، تفاهوت شفرير، أنّ انخفاض قيمة الشيكل يرجع إلى قوة الدولار عالمياً والضعف المحلي، وينعكس هذا أيضاً في الانخفاضات في أسواق الأسهم، وحتى أكثر من ذلك في أسواق السندات. يقول الاقتصادي الأإسرائيلي أيضاً إن عدم اليقين يخيم على جميع المجالات التي تعمل فيها السوق، الأمنية والسياسية والاقتصادية، مؤكداً: "لا توجد علامة على التحسن". ويُذكر أن الشيكل ضعف بنسبة 1.4% مقابل الدولار خلال الشهر الماضي، وكان قد وصل بالفعل إلى مستويات 4.08 شيكل مقابل الدولار خلال الحرب، وأن بنك إسرائيل يراقب عن كثب تطورات سعر صرف الشيكل مقابل الدولار، وفق تقرير "تايمز أوف إسرائيل". وحول كيفية رؤية المستثمرين لتطورات الحرب، فهم لا يعرفون ماذا سيحدث، لذا فهم على الحياد، وفقاً لتايمز أوف إسرائيل، وعادةً تكون دورات التداول صغيرة في معظم الأيام بالبورصة، لأن المستثمرين لا يريدون التصرف دون معرفة الاتجاه الذي يتحركون فيه. ويريد المستثمرون التخلص من الأسهم المتداولة في بورصة تل أبيب والشيكل قبل عطلة نهاية الأسبوع، في حال التصعيد مع جنوب لبنان. هذا وارتفعت تكاليف الاقتراض (عائدات السداد على السندات الحكومية طويلة الأجل) في الأيام القليلة الماضية، بسبب تزايد المخاطر في ظروف الحرب، وتقول "غلوبس" إن ذلك يعني أن اقتراض إسرائيل عبر بيع سندات سيكون أكثر كلفة في السوق، مع تزايد معدلات إصدار السندات وتخلص المستثمرين من حيازتها. وبلغ عائد السندات الحكومية الإسرائيلية المقومة بالشيكل لأجل 10 سنوات حالياً 5.2%، وهو الأعلى منذ 13 سنة، ويمثل ارتفاعاً بأكثر من 0.5% في غضون أسبوعين، وقبل سنة، كان العائد على السندات نفسها 3.8%.